
مؤتمر مشروع الجزيرة الأول .. التحديات والحلول نحو تنمية مستدامة
ب/ نبيل حامد حسن بشير
أعلنت جامعة الجزيرة عن قيام مؤتمر يخص مشروع الجزيرة بالشعار أعلاه على أن يعقد في يونيو القادم بإذنه تعالى. تم تكوين اللجان المطلوبة للإعداد والتنفيذ، كما حدد للمؤتمر 11 محوراً مهماً . طلب من الراغبين في المشاركة تقديم أوراق علمية في أي من المحاور وفروعها. كما يعلم الجميع أن هذا المشروع مشروع قومي مثله مثل بقية المشاريع كالرهد وحلفا والسوكي..الخ. ما أصاب المشروع من أمراض وعلل ومشاكل أصابت المشاريع الأخرى، أيضاً بذات القدر أو أكثر. هذه المشاريع المروية مجتمعة مساحتها أكبر من المساحة المروية المصرية التي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون مواطن، وتعادل ما يقارب المساحة المزروعة بهولندا التي وفرت العديد من المواد الغذائية المتميزة لكل دول العالم. نملك أراضي ذات خصوبة يحسدنا عليها كل دول العالم. ومياه متوفرة طوال العام سواءً بالأنهار والخيران والوديان والقنوات والترع أو أمطار خريفية تمتد إلى 4 أشهر، في العام. كل دول العالم أصابها الاستغراب والدهشة على حالنا نحن الشعب السوداني الذي حباه الله بكل هذه النعم من أراضي ومساحات شاسعة ومنبسطة وأنهار و أمطار وتنوع في المناخات والأنواع والأصناف. كادوا أن يقولوا عنا (يدي الحلق للي بلا ودان) أي يعطي الحلق (القرط) لمن ليس له أذنين. النيل نقمة والخريف نقمة والفيضان نقمة والمشاريع نقمة، نتفنن في أن نحول النعم إلى نقم، لماذا نفتقد (لثقافة) توفير الحلول ولثقافة التنمية ولثقافة الاستدامة؟ نحن أصبحنا نعتمد على سياسة رزق اليوم باليوم فقط على كل المستويات.
(مشاكل) الزراعة في السودان، بما في ذلك المشاريع القومية، وبالأخص مشروع الجزيرة، يعرفها الجميع وليست خافية علي أحد وليست من الأسرار، معروفة على كل المستويات الحكومية والقطاع الخاص، والعلمية والمزارعين والمصدرين..الخ ونوقشت في عشرات المؤتمرات وورش العمل والأوراق العلمية المنشورة في الدوريات العلمية المحلية والاقليمية والدولية، بل صدرت كتب عديدة سودانية وأجنبية، وصدرت التوصيات بالحلول منذ سبعينات القرن الماضي. ينطبق ذات الشئ علي (الحلول) وكلنا يعرف ما هي، وتوفرت عدة سيناريوهات للحلول و(لم يطبق) منها شئ واحد، والنتيجة هي ما نحن عليه الأن، أي الانهيار التام للزراعة المروية والمطرية، وما نجم عن هذا الانهيار على مستوى الدولة والمنتجين والمواطن العادي.
نعود لموضوع المؤتمر المزمع قيامه بعد 3 أشهر من الآن. نقول إنه حتى نجني ثماره، ويعود بالنفع على الزراعة ككل، ومشروع الجزيرة بصفة خاصة، ويرفع من شأن ومكانة جامعة الجزيرة ويليق بمكانتها يجب أن نتجنب التقليدية والكلاسيكية في قيام المؤتمرات ونواكب المستجدات في المؤتمرات العلمية التي المطلوب منها تحقيق الهدف المنشود عبر وضع خطط تنفيذية عملية (أكشن بلان) بعدة سيناريوهات علمية وعملية قابلة للتطبيق عبر (مراحل) متفق عليها و(أولويات) ذات مدي قصير ومتوسط وطويل. الخطط التنفيذية من أهم مكوناتها (تحديد الجهة) التي ستنفذ الفاعلية الموصي بها، و(الزمن والميزانية) المطلوبة مع توفر (المتابعة والتقييم) علي فترات زمنية متفق عليها، وإجراء (التصحيحات) اللازمة لكل مسار عند التقييم للوصول إلى الأهداف المرجوة. عليه نقول أنه (كمؤتمر نوعي)، يختلف في أهدافه عن المؤتمرات العلمية التوثيقية والنتي تغطي جوانب بحثية أكاديمية أو جوانب معلوماتية ذات قوائد فورية أو مستقبلية
كيف نقوم بذلك؟
- على اللجنة المنظمة تحديد تاريخ قبل شهر من الانعقاد لاستلام الأوراق العلمية والأوراق المفتاحية لكل محور، وطباعتها وتوزيعها على المشاركين في الفعاليات.
- الأوراق المقبولة يجب أن تخاطب المحور المعني مباشرة بحيث تؤدي إلى الشعار المطلوب (حلول وتنمية مستدامة) بشرط أن تكون حلول (علمية ومنطقية وعملية قابلة للتطبيق) وأن أمكن تقدم بسيناريوهات متعددة، وتطبع بمجلد يخصها. بقية الأوراق التي لا ينطبق عليها هذه الشروط تقبل على أن تطبع بمجلد خاص بها .
- توفير قاعات لكل محور،وفترة زمنية تكفي لانجاز المطلوب من كل محور .
- توزيع الراغبين في المشاركة من مقدمي الأوراق والراغبين من المهتمين المسجلين للمشاركة في المؤتمر والمدعويين من الخبراء والإداريين السابقين فيها إلى المحاور ومن ثم (مجموعات عمل) .
- رئيس المحور (يقدم الورقة المفتاحية باختصار) وممثلي فروع المحور (كل يقدِّم في 5 دقائق الفكرة الأساسية لفرعه)، ويجلسون كمنصة توضح الفكرة وأهمية المحور والمطلوب الوصول إليه من حلول وأفكار تساعد على التنمية والاستدامة، ثم ينقسم الحضور إلى مجموعات لكل فرع من فروع المحور.
- مجاميع العمل بالمحور تكون برئاسة مقدم الورقة المفتاحية في المجال، وتنقسم كل مجموعة إلى عدة مجاميع تناقش قيما بينها فروع المحاور،ويرأس كل فرع أحد النواب.
- النقاش المنضبط والكافي هو أساس نجاح هذا المؤتمر وليس كم الأوراق.
- بعد النقاش والتوصيات يقوم رئيس المجموعة الفرعية بتقديم ما خلصت الية مجموعته للحاضرين لجلسات المحور.
- يقوم رئيس المحور ومعاونية بتجميع وتلخيص المخرجات الخاصة بالمحور لتقديمها في اليوم الأخير للمؤتمر مع رؤساء المحاور الأخرى.
- تقوم اللجنة العلمبة للمؤتمر بتجميع وتلخيص التوصيات النهائية للمؤتمر ووضعها في خطة عمل شاملة في (شكل جدول / جداول) تحدد فيه التوصية والجهة التي ستنفذها والفترة الزمنية المناسبة للتنفيذ والميزانيات المطلوبة لكل نشاط.
- نود أن نؤكد أنه من الضرورة بمكان أن يكون على رأس المشاركين الإدارة الحالية للمشروع وممثلين للإدارات السابقة الأحياء منهم والمزارعين، وأن أمكن مديرو هيئة البحوث الزراعية الحالي ومن سبقوه أن كانوا على قيد الحياة.
خلاصة الأمر، هذا المؤتمر مؤتمر (نوعي ) لا نوغب في جدل أكاديمي، أو استعراض معلومات وقدرات علمية أو بحثية . مطلوب من هذا المؤتمر والمشاركين دراسة المشاكل السابقة والخالية والمتوقعة مستقبلاً، وتوفير الحلول ا(لعلمية والعملية) التي نتمنى أن لا تكون في اتجاه إعادة المشروع إلى سيرته السابقة. بل يكون أهم أهدافه أن يصبح هذا المشروع مثال للنجاح محلياً وإقليمياً وعالمياً. والنجاح في رأيي المتواضع أن يكون على الأقل قادرًا على منافسة الزراعة والمنتجات العالمية، بل قادراً على منافسة دولة زراعية متقدمة مثل هولندا.
أن لم يكن هذا هو طموحنا، وليس لنا القدرة على أن (نحلم) أحلام بهذه العظمة، فلا داعي لهذه التظاهرة وتضيع الوقت والمال والجهد. نتمنى للقائمين بهذا العمل التاريخي القومي التوفيق والسداد. اللهم نسألك اللطف (آمين).
///
حسن