dark_mode
Image
بادي.. عاش راهبا للحب والابداع  

بادي.. عاش راهبا للحب والابداع  

أصوات  في ذمة التاريخ 

الخرطوم : على أبوعركي 

  في أواخر ستنيات القرن المنصرم يطل على المسامع ويحتل الذائقة صوت غنائي طروب معتق بأغاني أصلية ، شجية الالحان ، عميقة المعاني ، دقيقة الوصف لغاية الادهاش يقال لصاحبه بادي محمد الطيب الذي اصبح فيما بعد يعتلي سدة الغناء الشعبي ... كانت بداياته منذ فترات الطفولة والصبى في احدى القرى ريفي المعليق بمدينة الكاملين (حلة عباس) حيث كان يردد ما نثره المبدعين المتصوفه في مدح الحبيب المصطفى ويروى انه تأثره بوالده الذي كانه هو الاخر من جهابذه المديح في تلك المنطقة ويحكى ايضا انه إنضم الى فرقة صغيرة بقيادة عمه وشقيقة الاكبر قبل ان يشهر صوته لوحده في العلن ....الانتقال للخرطوم كان مسار الانطلاقة الحقيقية لـ(بادي محمد الطيب) علماً بانه لم يأتها مغنياً بل اتاها باحثاً اسباب العيش ولكنه كان يحمل بين حنجرته وحباله الصوتية (بحه) وفيض ابداعي كبير غمر به آذان الناس ووجدانهم عندما اتيحت له الفرض .... المسرح الاول له والجمهور المكتشف كان في جامعة الخرطوم وبين طلابها الذين تنازعتهم وجذبتهم في تلك الفترة تيارات الحادثة على مستويات النضم الشعري والنغم الموسيقي فقد استطاع بادي ذلك العامل البسيط في احدى مطاعمها ان يعيدهم من جديد الى مربع المورث الشعبي في الغناء ويهزم الحداثة بكل غوايتها وغنجها ، فقد ادهشهم حين كان يدندن و (يطمبر) بعض اغنيات (الحقيبة) فتحلقوا حوله يترجون (هل من مزيد ..؟؟) فذاع صيته وقدموه في فعالياتهم الغنائية و بعد ذلك انشغل الناس بالحديث حوله حين طل عليهم عبر الاذاعة بعد صعوبات كبيره من لجنة النصوص والاستماع .

ويعتبر بادي محمد الطيب من الاصوات التي توثقت لإغنيات الحقيبة حفظتها من التلاف والتشويه فهو كان دقيقة جداً في مسائل الترديد الصحيح ويحكى عنه انه في احدى الليالي حينما كان يتوسد (لحافه) استعاداً للنوم داهمه صوت صادر من أحد مغنواتية بعد ان اعتلى مسرح مسرح مناسبة زواج في الحي الذي يسكن به في امدرمان (العباسية) ويحكي الشهود ان المغني قام يتحوير وتبديل بعض الكلمات لاغنية حقيبة مشهوره (زاد أذاي يا صاحي واعتراني نحول) فقال المغني: (زاد أزاي يا صاحي احتارني نحول) فما كان من بادي الا قام على عجل صوب مكان المناسبة وبكل لطافه اخذ (المايكرفون) وتغني بالاغنية بصورتها الصحيحة ويقولون ايضا انه قام بفعل مشابه واقتحم الاذاعة السودانية ليوضح بعض الاخطاء ويقوم بتغني بالصورة والكيفية الصحيح ولعل هذه الافعال تشير للمكان المقدسة التي يكنها بادي لاغنيات الحقيبة وعشقها له حتى ارتقى الى مراتب السدنة الذين لا يرضون المساس بها تعديلاً او حتى تطويراً وقد عبر عن ذلك في عدد من الحوارات التي اجريت معه في الوسائط الاعلامية فقد قال مثلاً : (أغنية الحقيبة تعتبر قمة في الأدب السوداني ومن ناحية المعاني هي مثال للأغنية الجامعة المانعة ) حين احتفل الخرطوم في العام 2005 كعاصمة للثقافة العربية كان يرى بادي محمد الطيب ان هذا التتويج قد اتي متأخراً فالخرطوم بحسب تصريحاته كانت عاصمة للثقافة منذ عهد ود الرضي وطالب بالرجوع لاشعاره لتأكد على ذلك .

قدم بادي عدد كبير من الروائع الغنائية من أغنياته المسجلة بالإذاعة (قائد الأسطول.. ودمعة الشوق، وحبي الكبير، وجوهر صدر المحافل، ودمع المحاجر ليلك قرن، والشاغلين فؤادي، وأنت حكمة.. والمقدر لا بد يكون، والخدير.. وفتاة اليوم). و عمل لفترة رئيساً لنادي الحقيبة بأم درمان، وسكرتيراً لنادي فلاح الفني . وشارك في عدد من المهرجانات الخارجية

قال عنه الهرم، الإعلامي والإبداعي، السر، قدور، انه، هو، يعدان ملوك، الطرب، في، الوطن، العربي، لما، يمتازوا، به، من، حليات، ومسرح.

واخيرا الغناء عند الفنان بادي محمد الطيب كان انبثاق قولي صادر عن حال شعورية تطريب اصابته هو ابتداءا  وعبر عنها غناءاً لذلك تجده اثناء الاداء يردد بعد ان يستجمع كم من التعابير الحركية (ااااااالله ، يا سلام) .... كان شخص (تستف) بالجمال وتعنى له تفاصيل حياته توحي برهبانية كتبها على نفسه وفاءاً لعشق صنع العوازل بينه حاجز بالحجة القديمة المتجدد (الذكر والتغني) التي عاشها قبله شاعر العاطفة العربية غيث ابن الملوح ( مجنون ليلى) ....عموماً بادي محمد الطيب صوت اصلي وذوق متسامي تغنى للجمال والعشق والوطن كما ينبقي حتى وافته المنية 15 فبراير 2007 فعليه الرحمة والحب فضلا عن آخرين نضيف إليهم (الدوش، حميد، محجوب شريف، ابوعركي) والقائمة تطول، وتطول.

comment / reply_from

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة التيار