
المتحدث باسم لجنة إزالة التمكين "المجمَّدة" في حوار مختلف لـ"التيار"
( 3)
وجدي صالح: أول اعتقال لي في 1994، في بيوت الأشباح، بشارع البلدية
في 1985 مشيت لوحدي وبقدمي ولحالي، قلت لهم: عاوز أبقى بعثي. وأسسنا التنظيم
قادتني للبعث صورة حيدر بندي في المقابر متحدثاً عن حق الصحة قبل موت شاب بالبلهارسيا، وكان مطارداً من الجهاز
نعم، أغرب شئ كنت قد تقدَّمت لدخول كلية الشرطة
أول مرة زرت الخرطوم، أذهلتني قاعة الصداقة وحي العمارات
في 30 يونيو 1989، كنت في حلفا أذاكر للامتحانات، وكنت أنهض باكراً لأقرأ بالفانوس
تحدث القيادي بحزب البعث، الناطق الرسمي باسم لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م المجمدة، وجدي صالح، بحسرة عن تهجير مواطني حلفاء القديمة وغمرها بمياه السد العالي المصري، وأكد أن هنالك روايات عن الصمود والحسرات لم تكتب بعد في التاريخ وقصص التهجير، وتحدث وجدي في حوار أجرته معه (التيار) بأريحية حول العديد من القضايا الاجتماعية والتاريخية والسياسية، فماذا قال...
× أول كتاب استلمته من البعث والبعثيين؟
- في سبيل البعث.
× أقرب دور لحزب البعث في ذلك الوقت؟
- في قريتنا ذاتها في دورين.
× أهم شئ تعلَّمته سريعاً؟
- فكرة البعث في وحدة الموارد واحترام التنوُّع.
× من الذي أمسك بيديك وأدخلك للبعث؟
- مشيت لوحدي وبقدمي ولحالي في 1985 وقلت لهم: عاوز أبقى بعثي. ونحن أسسنا التنظيم في المرحلة الثانوية.
× ما هي الصورة التي كانت أمامك وأنت ذاهب إليهم لتصبح بعثياً؟
- صورة حيدر بندي وصورته... ونحن أطفال أتذكر جيِّداً... وصادف وجود شخص متوفي، والناس في المقابر، وكان حيدر مختفياً ومطلوباً من نظام نميري الباطش. وكانت موت الشاب بالبلهارسيا. وعدم وجود علاج له. وجدناه في المقابر يقدِّم خطبة عصماء للمشيِّعين، متحدثاً عن أهمية الصحة وحقهم في العلاج والماء النظيف.
× شرابكم من الترع؟
- ومازلنا حتى الآن.
× في تلك الطبلية، كنت تبيع السجائر؟
- البرنجي، وأبو نخلة والبحاري، وأبو قندول .
× هل قرأت للشيوعيين والإسلاميين؟
- مؤكد طبعاً.
× القاهرة الفرع؟
- درست فيها قانون بالانتساب، والطالب المنتسب يكون محروماً من حاجتين له مهمتين.
× ما هما؟
- حق الترشح للانتخابات، ومحروم من الدعم.
+ وماذا فعلت؟
- أنا أعتز جداً بحزبي، حينما سمعت قولاً منهم مفاده.. إن البعثي الجيِّد هو الطالب الجيِّد، وجاءني تكليف بحتمية إحراز درجة جيَّدة لأصبح طالباً نظامياً.
+ أمر حزبي؟
- نعم.
× وكيف سارت الأمور؟
- كنت ضعيفاً في اللغة الفرنسية، فذهبت وعدد من زملائي لأستاذ كنا نراجع معه المادة بمثابرة واضحة.
× نجحت؟
- لم أجلس لملحق طوال الأربع سنوات، وصرت طالباً نظامياً.
- أمنياتك؟
- أغرب شئ كنت قد تقدَّمت لدخول كلية الشرطة.
× أول مرة زرت فيها الخرطوم من قريتكم؟
- عجبني حي العمارات، النظافة والزهور أمام المنازل والطرقات.
× ولماذا حي العمارات بالتحديد؟
- كنت نازلاً مع خالي، ومررت بالمطار ورأيت الكلاب الكبيرة.
× وتاني مرة؟
- أذهلتني قاعة الصداقة.
× نسينا الحديث عن السينما من قرية كانت تقرأ المجلات العربية والجرايد اليومية؟
- كنت في القرية لا أغيب عنها يومين متتاليين.
× سينما الوطنية؟
- وسينما الشرقية.
× كنت تمشي مع شلة؟
- كنا نمشي بصحبة الأسرة والوالد نجلس في اللوج التربيزة والشاي والتسالي.
× ماذا أعطاك عالم السينما؟
- ثقافة رفيعة في فهم الحياة.
× أول فيلم؟
- من أجل أبنائي، وتاجوج، وغيره.
× متى تعرَّفت على عالم وكتابات الطيب صالح؟
- مبكِّر جداً.
× الحياة في الريف؟
- لاحقاً تخلق التوازن.
× والتوازن ماذا يعني لك؟
- حينما تتعايش مع كل الناس تواصلاً وتعارفاً.
× أول يوم جامعة؟
- لا ينسى أبداً، في الجامعة وقفنا في صف الإجراءات.
× ملابس الجامعة؟
- أنا كنت تاجراً وعندي حساب في البنك، وكنت أسلِّف الناس.
× الحزب هو الذي يدفع؟
- كنا ندفع اشتراكاتنا للحزب، وكان هذا الرابط القيمي مع الحزب، وكنا نذهب باستمرار لدار حزب البعث القريبة من الجامعة.
× علاقتك عموماً مع الهدايا؟
- جيِّدة.
× ومع البنات في الجامعة؟
- عادية.
× كنت ركَّاني؟
- نعم، وكنا شلة، كان الحوار راقياً دون مهاترات.
× عدت لقراءة الإسلام السياسي؟
- عدت لأفهم كل شئ بعمق، وكنا وزملائي نطلع على الموازنة العامة لمناقشتها، ولتكن معنا معلومات ضافية وكافية.
× هل كان الأستاذ حسين خوجلي يحضر للجامعة؟
- باستمرار.
× أين كنت في 30 يونيو 1989 ؟
- كنت في حلفا أذاكر استعداداً للامتحانات وكنت أنهض باكراً لأقرأ بالفانوس.
× ومازلتم؟
- أبداً تمت إنارة القرية بالجهد الذاتي.
× كيف تابعت تطورات الوضع في الخرطوم؟
- سمعنا المارشات عبر المذياع وقبل إذاعة البيان قلت لهم هؤلاء إسلاميون، قامت به الجبهة الإسلامية القومية وأسميناه بالانقلاب المكشوف، وقلنا بالاسم أن قائده العقيد عمر البشير ولم يكن عميداً.
× كنت متيقن بأن الجبهة هي من قام بالانقلاب؟
- هم الوحيدون لهم المصلحة، وحزب البعث نشر خبراً في مجلة الدستور حينما تجاهل آنذاك المرحوم الصادق المهدي المعلومات التي وفرناها له، فقام الحزب بنشر الخبر في مجلة الدستور العربية.
× وعند إذاعة البيان الأول؟
- قبل إذاعة البيان الأول قمنا بنقل كل دار الحزب في حلفا حتى الزير شلناه، وحلمي عاشور ومعه رفاق هم من قاموا بهذا العمل.
× أول اعتقال لوجدي صالح؟
- 1994 في بيوت الأشباح.
× قالوا ليس هناك أصلاً بيوت أشباح؟
- شارع البلدية خلف بانك سيتي مع المك نمر ناصية حوش كبير فيه 16 زنزانة مشيَّدة.. كما ذكرت لك سابقاً.
× عذبوك هناك؟
عذبوني في ذاك المكان، وفي عز الشتاء كنت أنام بلا غطاء، وكان أقسى عذاب. حرمنا من الحمام، وكنت أجعل جزمتي مخدة.
× كيف كان التحري؟
- لا يوجد أي تحرٍ .
× اختبرت صمودك؟
- للحد البعيد، وأنا فرح ومعتز بصمودي.
× صرت من القيادات السياسية؟
- وبالتالي التعذيب كان نفسياً
× البعثيون سادة المعلومات أليس كذلك ؟
-بلى، وكانت جريدة الهدف تخيفهم، وكان بيننا حرب المعلومات، وكنا نكتب في جريدة الهدف كل معلومات وقرارات محضر اجتماعاتهم.
× لماذا أعدموا ضباط رمضان بتلك السرعة؟
- الخوف منهم، وكانوا يخافون حتى من جثامينهم.
× حتى الآن لم يتم التعرف على قبورهم؟
- حتى الآن قبورهم مجهولة.
ونتابع.. الحلقة الرابعة