هل تكسر ” التسَوَّية ” السياسية عُزُلة الاقتصاد ؟؟

الخرطوم : أيمن مساعد
أكد خبراء اقتصاديون أن التوقيع على العملية السياسية (الإطاري) المزمع توقيعه ، يمهِّد إلى التحوُّل المدني المنشود، وأضافوا أن التوقيع سوف يسهم في حدوث الاستقرار الاقتصادي للمتابعة والدعم الدولي لعملية التوقيع، ورهن خبراء حدوث ذلك بتعيين حكومة كفاءات مستقلة يكون همها الأول والأخير تحسين الوضع الاقتصادي (معاش الناس)، وأوضحوا أن فترة ما بعد انقلاب (25) أكتوبر، شهد الاقتصاد السوداني تخريب كبير بسبب غياب الفراغ السياسي في البلاد بعدم تعيين حكومة . وخسر السودان عقب الانقلاب مباشرة تجميد المساعدات المالية الدولية، وهي في صدارة الأضرار التي تعرض لها السودان، إذ أعادت البلاد مرة أخرى للعزلة الاقتصادية، ما وضع موازنة البلاد المضطربة على محكّ العجز عن الإيفاء بالنفقات العامة المتزايدة، فضلاً عن تأثيرات أخرى ظهرت بشكل أكثر وضوحاً في التضخم الجامح للأسعار.وفي إطار هذه التطورات، توقف العمل في عديد من المشاريع الإنتاجية التي كانت تعتمد أساساً على التمويلات الأجنبية.
وتفيد( المتابعات) أن الأطراف المدنية والعسكرية في السودان، اتفقت على توقيع الاتفاق النهائي للعملية السياسية في 6 أبريل، ، وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل الأزمة السياسية الممتدة منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، حين حل وقتها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعلن حالة الطوارئ.
معالجة الاختلالات
في السياق أكد شوقي عزمي، عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير أن التوقيع على الاتفاق الإطاري يمهِّد لحدوث استقرار اقتصادي، وقال في حديثه لـ (التيار) أن الإطاري أصبح أمراً واقعاً، ويتابع دولياً، وأضاف أن الإطاري سوف يمهِّد إلى معالجة مشاكل ديون السودان والحصول على التمويل، وأوضح أن عودة التوقيع للاتفاق الإطاري أولى خطوات حدوث الاستقرار بالحكم المدني، موضحاً أن التوقيع أولى خطوات عودة السودان إللا المنظومة العالمية، ونوَّه إلى أن عدم التوقيع يعني الاستمرار في سياسات عدم التعاون الدولي مع السودان، وقال نتخوَّف أن يستمر المجتمع الدولي في عدم التعاون مسقبلاً لذلك التوقيع علي الاتفاق الإطاري ملزم، خاصة أن العملية السياسية أصبحت تدار من خلال إشراف دولي وبالتالي يكون تقريرهم عن العملية السياسية أثر كبير في الملف الاقتصادي، وتابع: نحن نعمل على أن يعود السودان إلى المنظومة العالمية، وزاد: لكن من خلال الاستفادة من تمويل موارده التي يمكن أن أحسن استقلالها أن تحسِّن من الوضع الاقتصادي ومن معيشة المواطنين، وأكد أن الدعم الحقيقي للمواطن لا يأتي من خلال دولارات قليلة تمنح له، مؤكداً إنما من خلال تخفيض تكلفة المعيشة والتي سوف تحدث إذ ما طرأ تحسين في سعر الصرف وصاحبتها سياسات اقتصادية رشيدة.
تخريب الاقتصاد
ويرى بروفيسور إبراهيم أنور، الأستاذ بجامعة الخرطوم والخبير الاقتصادي، أن غياب الاستقرار السياسي وتحديداً في ظل فترة اللا دولة بعد انقلاب 25 أكتوبر، أسهم في تخريب الاقتصاد السوداني،وشددَّ بضرورة حل المشكلة السياسية، وقال: ” الوضع الحالي يشهد عدم توفر إدارة للاقتصاد”، وتشهد الأسواق فوضى وتهريب عملات، وأكد أن وجود حكومة مسألة أساسية في المقام الأول دون النظر إلى طبيعة الحكومة، مؤكداً بضرورة وجود حكومة تكون مسؤولة من المواطن، وأضاف نأمل الوصول إلى اتفاق يمهِّد لإعلان حكومة ودولة قانون، وأشار إلى استغلال مصر الي الاقتصاد السوداني عبر اتفاقية الحريات الأربع بين السودان ومصر،وسعت لتنشيط بند حرية التنقل بين البلدين بالصورة التي تصب في مصلحة الاقتصاد المصري من خلال طباعة كميات كبيرة من العملة السودانية المزوَّرة في مطابع مصرية وضخ كميات كبيرة منها داخل السودان واستخدامها لشراء سلع الصادر والمعادن النفيسة وتصديرها لمصر عبر شركات مصرية مستفيدة من بند اتفاقية الحريات الأربع والتي تنص إزالة كافة القيود أمام حركة البضائع بين البلدين والتي بموجبها يسمح للشركات المصرية بشراء كافة السلع السودانية بالعملة السودانية، واستخدام العملة السودانية المزوَّرة لشراء العملات الحرة من السوق الأسود للعملات وسحبها خارج السودان لإضعاف العملة الوطنية مقابل العملات الحرة خاصة الجنيه المصري، وقال: إن انخفاض الجنيه السوداني مقابل الجنيه المصري يقلِّل ويحد من حركة تنقل أو استحواز السودانيين للعقارات وبقية الأصول الرأسمالية في مصر.
استكمال التحوُّل المدني
من جانبه يعتقد محمد خير، الخبير اقتصادي ، إن الاتفاق الإطاري يمهِّد إلى استكمال إجراءات التحوُّل المدني، وإعادة الترتيب السياسي، وقال: إن الاتفاق الإطاري مجرَّد إعلان سياسي لعدد من القوة تحاول أن تعيد نفسها إلى دائرة القرار السياسي عبر الإطاري، وذلك بعد الإقصاء بعد إصلاح المسار الذي قام به الفريق البرهان في 25 أكتوبر، وقال إن مكوناته الاتفاق جزء لا يتجزأ من سلام جوبا خاصة حركة عبدالواحد محمد نور، وعبدالعزيز الحلو ، قائلاً: إن لهما كسبهما وحجمها، من شأن ذلك أن يقرب إلى حدوث سلام وعدم تحريك ملف التمرد مستقلباً بوقف فاتورة الحرب، وأضاف من العجب في السودان أن تكلفة الحرب أكبر من تكلفة السلام، وذكر أن الاتفاق المزمع توقيعه ذو بعد سياسي أكثر، ويرتب البيت السياسي لا أتوقع له النجاج، وأضاف غير متفائل بالاتفاق السياسي بين هذه الأحزاب، مضيفاً لابد من حدوث إجماع وطني شامل.
حكومة كفاءات
في السياق يقول د. محمد الناير، خبير اقتصادي أن (80%) من القوى السياسية مشاركة التوقيع الإطاري، وقال: إن توفر الأمن الكافي من جانب الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة يمكن أن تحقق الفترة الانتقالية كل برامجها، وشدَّد الناير في حديثه لـ (التيار) بضرورة أن تكون الحكومة المدنية القادمة (حكومة كفاءات مستقلة) تدير الفترة الانتقالية، وأضاف يمكن أن يتحقق الاستقرار المنشود، مضيفاً معروف على مستوى العالم أن الفترات الانتقالية تدار بحكومات مدنية ذات كفاءات، وناشد الحكومة المدنية القادمة بوضع مسألة معاش الناس أولوية في الفترة الانتقالية المتبقية، وأوضح أن مهام الفترة الانتقالية المتبقية معالجة قضية تحسين معاش الناس والتأسيس للانتخابات القادمة، موضحاً بعدم وجود أي مهام أخرى ودعا كل الأحزاب إلى أن تسمح للحكومة المدنية بالعمل وأن تذهب الأحزاب إلى الاستعداد للانتخابات.
ونوه مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان د. أحمد المفتي ، على تأييد إعطاء حل الضائقة المعيشية ، الأولوية في الفترة المقبلة ، تاييدا مطلقا ، وأضاف ان الحركة الجماهيرية الحقوقية ، بمركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان ، قد ظلت منذ تاسيسها عام 2005 ، تطالب النخب السياسية بذلك ، لان موارد السودان الطبيعية ، تكفل ذلك للمواطنين ، الذين يعانون حالياً ، من شظف العيش، وقال اخيراً ، “قحت المجلس المركزي ، والعملية السياسية” ، تٌعطي الاولوية لحل الضائقة المعيشية ، وأوضح المفتي :”عندما حددت العملية السياسية ، خمسة موضوعات ، وبدأت في نقاشها في ورش عمل ، وترمي اليه صياغتها في خمسة ملاحق للاتفاق النهائي ، رفعنا صوتنا عاليا ، واعبنا عليهم ، عدم تخصيص ملحق لحل الضائقة المعيشية ، واعطائه الاولوية ، ولكنهم لم يفعلوا ، ولووا رؤسهم ، واستكبروا ” ، وتابع :”لكن بعد ان انفض سامر ورشهم ، ايقنوا انها لا تخاطب هموم ، المواطنين ومعاناتهم اليومية ، فاعادوا تصويب المسار باعطاء الاولوية ، لحل الضائقة المعيشية”، وأردف :” نحن نؤيد ذلك ، لانه يجعل التنافس بين الكيانات السياسية ، علي حل الضائقة المعيشية ، ومن يملك افضل البرامج والرؤي ، في ذلك الصدد ، هو الذي سوف تدعمه الجماهير ، الآن وفي أي انتخابات قادمة .
عموماً فإن المسألة الاقتصادية هي الحصن المنيع لأي عملية تغيير وهي الحاضن الحقيقي لأي عملية تحول مدني ديمقراطي والاقتصاد هو العامل الوحيد الذي يوحّد الناس لا سيما في بلد مثل السودان يكثر فيه الفاعلون السياسيون، المتشاكسون.