لماذا دخلنا نفق الحرب؟

حديث المدينة الثلاثاء ١٩ سبتمبر ٢٠٢٣
الحرب المدمرة ستكون آخر احزان السودان و بداية عهد النهضة الحقيقي اذااستطعنا فهم مطلوبات بناء الدولة الحديثة.. الشعارات والهتافات الثورية لاتبني بلدا وحدها الرؤية الحصيفة والخطط الاستراتيجية الذكية ما يحقق ذلك.
يقول الله سبحانه وتعالى ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لايخرج إلا نكدًا )
هذه الآية فيها مفاتيح الاصلاح السياسي للسودان..
الآية الكريمة تربط نتاج الاصلاح بالبيئة السياسية وليس الاشخاص..
(البلد) State هو منظومة تتكون من مثلث، ضلعه الأول : المؤسسات ( Hardware ).
والثاني : التشريعات ( Software ) والثالث : الإنسان ( Humanware)،
ولا حاجة للتفصيل في أهمية الأضلاع الثلاثة.
الاصلاح عملية بنائية Structural بمعنى انها لا تنهض على عوامل جزئيةمتناثرة كقصيدة اعتنى الشاعر بتجويد كل بيت فيها دون رابط بين الأبيات فيصورتها الكلية.
بنائية تعني تركيب الأجزاء وفق نسق كلي متدرج محكم يضبط الخواصالفرعية حسب موضعها المعد مسبقا وفق العلاقات الراسية والأفقية. اشبهباحراز الأهداف في مباراة كرة القدم ، بناء الهجمة يبدأ بصورة مرحلية متدرجةإلى أن تصل مرمى الخصم. صورة كلية لها هدف نهائي لا يتحقق الا وفق يناءهيكلي مرتب.
( البلد الطيب) ليس اسما لبلد محدد بل معايير و مواصفات لبيئة متكاملة،دولة القانون والعدالة التي ترفع من قيمة الانسان و توفر له الأمن والعيشالكريم .
هذا البلد الكريم لا يحقق شروط ( الطيب) الا عبر العوامل الثلاثة التي يجمعهاالمثلث سالف الذكر.
الأول – بناء المؤسسات :
وهو الخطوة الأساسية ، لان البلد هو قوام متناسق تحفظ توازنه المؤسساتبشكلها المعياري المتدرج..
في الدولة الحديثة ثلاث مؤسسات مستقلة لكنها متكاملة ، السلطة التنفيذيةوالقضائية والتشريعية.
في حالتنا السودان نضيف إليها سلطة رابعة هي ( سلطة التخطيطالاستراتيجي).
تنحدر من هذه السلطات القياسية العليا، مؤسسات متدرجة بنسق معلوم ومحدد بدقة. مع الالتزام بمبدأ توازن السلطات Checks and balances
فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة. كل سلطة تراجع الأخرى وتضبط حدودها.
كلمة (الطيب) هي جماع صفات. الرشد في مسلك وقوام الدولة.
الثاني- التشريعات:
القوانين المنظمة للعمل المؤسسي والفردي، والعلاقات الافقية و الرأسيةوالمسؤولية و المحاسبة، والحركة والسكون. التشريعات بمثابة البرمجيات(سوفتوير) التي تحرك الكمبيوتر .
الثالث – الانسان :
و هو الغاية والوسيلة في تكوين الدولة.
“البلد الطيب” يستوفي الرشد الذي لا ينتج إلا (طيبا)، أفضل عائد لصالحالإنسان.
أما إذا لم تتحقق شروط (البلد الطيب) فهو “بلد خَبث” (والذي خبث لا يخرج إلانكدًا
يكابد الأزمات والعيش (النكد).
(البلد الخبث) هو الذي تديره قيادات سياسية عاجزة عن الرشد ومتفانية فيخدمة ذاتها..
تتصارع وتتقاتل منذ الاستقلال للاستحواذ على السلطة بلا هدف او رؤية.. فتقتل اكثر من 30 ضعف من قتلهم الأجنبي منذ معركة كرري حتى غادر صباحالأول من يناير 1956.
علينا ان نصنع “البلد الطيب” الذي يخرج نباته بإذن الله.