
بالله عليك بمنتهى الأريحية وبعيداً عن التعصب حاول أن تقرأ كلماتي هذه..
في كل الديموقراطيات الانتخابات واحدة من أدوات مشاركة الشعب في السلطة، كونها منافسة على قبول الجماهير.. إلا في السودان، فهي الآن أداة ترهيب وتخويف، كلما ثقل حمل الأزمة السياسية واستعر لهيبها أخرج أشهر البعض بطاقة الانتخابات..
حسناً، من يستعجلون الانتخابات هم من يظنون أنهم ضامنون للنتيجة، أما لثقة في جماهيريتهم أو من نتائج الانتخابات السابقة.. ومن يحاولون إبعاد الانتخابات أقصى ما تيسر غالباً هم من لا يثقون في قدرتم على حصد نتائج مناسبة، أو لتجاربهم في انتخابات سابقة أيضاً.. والخلاصة إن لا هذا ولا ذاك يتعامل معها من حيث كونها أداة لتعزيز مشاركة الشعب في السلطة.. فهي مجرد أداة للتسلط حتى ولو تلبس في ثياب الديموقراطية..
ولتأكيد ظني هذا.. أنظروا الى السيرة الذاتية للانتخابات في السودان.. أول انتخابات كانت قبل الاستقلال في 1953، ثم انتخابات 1985 التي أطاح بحكومتها انقلاب عبود ..ثم الفترة التعددية الثانية التي تلت ثورة أكتوبر (1964-1969) جرت فيها انتخابات تعددية في 1965 ثم 1968.. وتداول السلطة ديموقراطياً سرالختم الخليفة ثم المحجوب ثم الصادق المهدي ثم المحجوب.. فما هو العائد على الوطن والمواطن؟
ثم انتخابات 1986.. والتي أطاح بالنظام النتائج منها انقلاب 1989.. طبعاً لا حاجة للنظر في انتخابات النظم الشمولية مثل نظامي نميري والبشير.
ماهو العائد على الوطن والمواطن من كل هذه الانتخابات؟
الإجابة لا شيء طالما أن بلادنا بعد كل هذه الانتخابات ما ازدادت إلا تخلفاً، ولم تستطع حتى كتابة دستور دائم.. فضلاً عن صناعة دولة حديثة مستقرة سياسياً..
من الحكمة إعادة النظر في الانتخابات على النحو التالي:
استحداث نظام انتخابي إلكتروني يغطي إن لم يكن كامل السودان فغالبه المعظم في حدود لا تقل عن 90% ..
النظام يسمح بإجراء الاقتراع في يوم عمل واحد وإصدار النتائج مباشرة بعد قفل باب التصويت.
هذا النظام الإلكتروني سيوفر أموالاً طائلة وجهداً وزمناً.. بما يسمح بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسة كل عامين.. مثل انتخابات الكونقرس الأمريكي “مجلس النواب”.
إصدار “قانون الانتخابات” باستحداث معادلة جديدة لحساب النتائج، بحساب نقاط محددة، فتجعل عدد الأصوات الجماهيرية مجرد نقاط في حساب النتيجة، وتضاف إليه مؤشرات اخرى مثلاً، الخبرة التخصصية في المجال، والنشاط السابق في العمل العام، مثل منظمات المجتمع المدني، والإنجازات في العمل العام والتخصص ، ومؤشرات أخرى كثيرة (ذكرتها في كتابي السودان الجمهورية الثانية).
في تقديري نحتاج لجهد فكري لإنتاج ديموقراطية سودانية ذات خصائص عملية مكتسبة من خبرة سنوات الفشل منذ الاستقلال حتى اليوم.