فظائع الانتهاكات (9/10)

تحقيق: أسماء ميكائيل اسطنبول

منذ انقلاب 25 أكتوبر، وحتى لحظة كتابة هذا التحقيق نجد أن هناك جهات من المنظومة الأمنية لازالت تمارس انتهاكات ضد الثوار الذين خرجوا من أجل  التغيير، سواءً أكان ذلك بتعليمات أو لا، ونتج عن تلك الانتهاكات إصابة العديد من الشباب بعاهات جسدية والبعض الآخر مازال يعاني وآخرين فقدوا حياتهم، ورغم ذلك لم يثنهم العنف أو يضعف من مسيرة نضالهم، بل زادهم قوة وعزيمة، لأن هنالك عهد قطعوه بينهم ورفاقهم الذين فقدوا حياتهم من أجل التغيير والحياة الكريمة.

قبل ألف عام

التقيت باختصاصي الأنف والأذن والحنجرة والرأس والعنق، الطبيب أيمن يوسف عبد الدائم، لكي يحدثنا عن الآثار والنتائج الصحية  التي تنتج من الاستعمال المفرط للغاز المسيل للدموع على كل الأشخاص، ابتدر حديثه قائلاً: دعينا نتحدث أولاً عن الغاز المسيل للدموع أول استخدامه  كان قبل ألف عام  في دولة  الصين، وهو عبارة عن مسحوق يأتي  في عبوات وعندما  يتم قذفه ينتشر ويتحوَّل في شكل غاز، والمكان الذي قذف فيه يظل المسحوق موجوداً لكذا يوم ومع  حركة سير العربات والناس  تجعل هذا مسحوق يذهب في الجو مرة أخرى ويعمل التأثير مثلما أطلق أول مرة.

تحسُّس الأشعة المخاطية

وأضاف: يتكون من مواد كيمائية وأنواعه كثيرة يرمز لها (السي ار .السي اس) وهنالك  أنواع محرَّمة دولياً  وتم إيقافها، وأما الذي يستخدم -حالياً- في مظاهرات السودان غير محرَّم  وهو نوع  (السي. ار)  ويعمل  الغاز المسيل للدموع على تحسُّس الأشعة  المخاطية بالنسبة للأنف والعين، ويسبب ضيق للجهاز التنفسي، يبدأ الشخص المعرَّض للغاز المسيل للدموع بحرق في الأنف وسيلان والعطس الكثير والآثار تختلف هنالك أشخاص يتعرَّضون  لفترة بسيطة ويختفي الأثر وممكن على حسب الكمية التي تعرَّض لها الشخص وعلى حسب الأمراض  المسبقة، وإذا الشخص لديه  تحسُّس في الأنف أو لديه  أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو أو الأزمة ممكن تزيد  من تعرض الإصابة.

الماء الأسود

الماء الأسود آثاره  كبيرة على أعضاء الجسم المختلفة،  قد يحدث لهم  طفح جلدي أو حروق على الجلد وآثاره أكبر على  العين، هنالك أشخاص قد يحدث لهم  عمى مؤقت والبعض بجلكومة على المدة الطويل  (الماء الأسود) ثم قال: واختصاصي العيون ممكن أن يتحدث عنها بطريقة أوسع وهذه الأشياء ممكن تزيد على حسب كمية الغاز المسيل للدموع  الذي يتعرض له الشخص في منطقة مغلقة أو كمية الأوكسجين.

رصد حالات

ولابد من ابتعاد الحوامل ربما يحدث لهم عملية إجهاض (هنالك بعض الحالات رصدت) وكذلك مرضى الربو والأزمة، لأن وجود الغاز المسيل للدموع يقلِّل من  كمية الاكسجين المستنشق وبالتالي يحدث ضيق في الشعب الهوائية وممكن يؤدي إلى عواقب وخيمة جداً منها الاختناق،  وقد تحدث وفاة في بعض الحالات كما شاهدنا في المظاهرات السودانية.

تعوُّد على المادة

واسترسل في حديثه قائلاً الغاز المسيل للدموع له تأثير على المدى الطويل والقريب ولاحظنا الإنسان يحدث له تعود وهذا الشئ مشاهد عند الشباب  فالتعرض للمرة الأولى ليس مثل المرة الثانية فبالتالي جهاز المناعة للإنسان والتحسسي يحدث له تعوُّد للمادة، فبقدر ما يتعرَّض لكمية كبير تكون بسيطة لأن الجسم تعوَّد عليها وهنالك تأثيرات أخرى الأذن غالباً تتأثر بتأثير الأنف عبر قناة استاكيوس الربطة بين الأنف والأذن  مما تؤدي إلى تهيُّج الأغشية المخاطية للأذن  الوسطى وحدوث التهابات في الأذن الوسطى وعلى المدى البعيد يمكن أن يسبب التهابات في الجيوب الأنفية وتحسس مزمن في الأنف مما قد يؤدي لتكوين لحميات الأنف وتفاقم أعراض الربو والجهاز التنفسي.

ثقب في الطبلة

أما بالنسبة للقنبلة الصوتية عندها تأثير  كبير على السمع قد تؤدي إلى ثقب في الطبلة أو تأثير على عظيمات السمع وحتى قد تؤدي إلى فقدان وخيم للسمع حسب قرب المسافة من الشخص  وتكرار التأثير يسمى ذلك بفقدان السمع الناتج عن الإزعاج والأذن لديها قوة التحمُّل للأصوات العالية في حيز معيَّن فإن زادت قوة الصوت خصوصاً المفاجئ  تؤدي لضرر سمعي وفي بعض الأحيان يصبح  دائماً.

غسل الوجه

وكذلك ننصح الذين يتعرَّضون للغاز المسيل للدموع  أولاً لابد من الابتعاد عن المكان الذي قذف فيها الغاز المسيل  بقدر الإمكان لكي يقلِّل من المدة الزمنية الذي يتعرَّض لها وغسل الوجه، وهنالك بعض الأشخاص عندما يعرض جهه بغسل الماء البارد يزيد من التحسُّس فممكن أن يضع منديلاً أو واقياً من الغازات مثل الخل وهو مخفف كبير للغاز المسيل للدموع ولابد من غسل الملابس بعد الذهاب للمنزل وغسل جميع الجسم، لأن المواد الكيمائية بتظل عالقة على سطح الجسم والأغشية المخاطية.

السرية والكتمان

وفي ذات السياق ابتدر الدكتور عادل حامد اختصاصي جلدية وتناسلية وعقم ذكور، ابتدر حديثه قائلاً: المياه التي ترشق على الثوار الحديث فيها  كثير، أما دولياً معلومة بأنها مياه عادية، جهاز الأمن والشرطة يعملان على تعبيئتها وترش بها الاحتجاجات، ولكن حديث البعض من الثوار الذين اترشقت على أجسادهم هذه المياه  بأنها مياه صرف صحي نتيجة للروائح الكريهة التي تشتم في هذه المياه،  قاطعته سائلة: وهنالك البعض منها ملوَّن ماذا تفسِّر ذلك؟  في الغالب هي مواد مهيَّجة، ولكن  في تركيبتها من ماذا ليست  لديَّ فكرة فهذه الأشياء دائماً تجد فيها السرية والكتمان من الأطباء وخاصة اختصاصيي  الجلدية  ولا تعرف إلا عبر معامل لازم تحلل، قد  تكون لون فقط  للفرز، وقد تكون  مادة قاتلة أو مادة  كذا.

24 أو 28 ساعة

وعندما سألته عن بعض  الثوار الذين يتعرَّضون للرشق بهذه المياه ويصاب بحكة وآخرين بظهور أورام صغيرة مثل الحبوب؟ قال: إذا كانت مواد مهيَّجة تعمل أكزيمة تلامس، بمعنى المياه مع الشئ المضاف إليه يهيِّج الجلد مثل المرأة   عندما تتعرَّض للدخان أو الرسم أو ترتدي  حلق ويأثر معها فهذه تسمى إكزيمات  تلامس، والتهيُّج يظهر خلال الـ24 ساعة أو 48 ساعة، ويسمى نوع تهيُّجي يختفي  ويرجع مرة أخرى إذا تعرَّض  له الشخص مرة ثانية، وهنالك بعض الأشخاص أصابتهم حساسية  من الغاز المسيل للدموع (البمبان) وجهازهم المناعي تعرف على المادة  سواءً أكان بمبان أو مياه تعمل على  تنشيط أجسام مضادة داخل الجسم، بمعنى جهاز المناعة الداخلي يعرف المادة، وهنالك أشخاص لديهم  أكزيمة تحت الجلد فهذه المادة تعمل على إظهارها والبمبان في الأصل مادة مهيَّجة  يسبب أكزيمات أو ارتكاريات (قريص) أو تهيُّج  فتصبح مهيِّج أو معروف للشخص المصاب بالأزمة أو جيوب أنفية أو التهاب العيون.

أكبر مسطح

بيد أن الجلد أكبر مسطح في جسم الإنسان وأكثر المناطق تأثراً (حكة،حبيبات، قشرة وتشقق)، أما من ناحية الجينات  علمياً لا نستطيع أن نجزم بذلك لا توجد أبحاث علمية تقول ذلك يؤثر على الجينات أو أمراض وراثية وبحكم الدولة كدولة يمنع تمام  المواد  المسرطنة والمواد المزمنة هذا المتعارف عليه في دول العالم.

من جيل إلى جيل

ووضح قائلاً هنالك تأثيرات مستقبلياً؟  مثل الأزمة الخفية مجرَّد ما تعرَّضت للبمبان تظهر أو أكزيمة  (القشرة، التشقق والتحشرف) الموروث  من جيل إلى جيل  وكلما تعرَّض يكون أشد والتعرُّف يكون أكثر .

أصبح 50%

ثم أضاف: هنالك شئ عالمي يحدث لكن ما هو الله أعلم، قرأت قبل أيام  مقال يقول  عدد ضخم جداً  من الذكور حول العالم وصل إنتاجهم للحيوانات المنوية أصبح 50% من الطبيعي، وهذا ما يحدث  إلا بدخول مواد، فهنالك جهات عالمية تعمل على تقليل الإنجاب، وذكر الباحث بأن هنالك أشياء غير معلومة،  ولكن من التحاليل أصبح نسبة إنجاب الذكور ضعيفة وأغلب الشباب الذين يأتوا حالياً عندهم مشكلة إنجاب، إضافة لمشكلة الضعف الجنسي.

فكرة غير عقلانية

ثم توجهت إلى طبيبة مختصة في مجال الإدمان وهي الطبيبة مريم  وجهت لها سؤالاً  من خلال خبرتك وتخصص في هذا المجال، هل معظم الثوار الموجودين داخل الحراك يتعاطون؟ ردَّت قائلة: من ملاحظتي الشخصية ما كل البيطلوا  في الحراك يأتوا للعلاج  وما بين اثنين أو ثلاثة  لا يتعدوا الخمسة أشخاص يقولون وبالتحديد البنقو مع  البمبان بربط (يوزن) وهذه ملاحظة شخصية من الشخص الذي يتعاطى، ولكن لا توجد دراسة علمية تثبت هذا ربما خطأ، ومريض الإدمان فيه أفكار غير عقلانية ويذهب خلفها ويصدِّقها  مثل فكرتهم بأن  البنقو يجعلهم يذاكروا وهذا غير صحيح لأن البنقوا بجعل الشخص مسترخي ويجلس لفترات طويلة  فقط، لأن طبيعة شخص البنقو ملول، ولكن لا يستطيع الاحتفاظ بالمعلومة أو يصبح  ذكي، فلذلك يقال عليها فكرة غير عقلانية غير مستندة بشئ علمي أو مقنن، وفي تقدير الشخصي الفكرة غير عقلانية وإذا قالها واحد البقية تتفق  معه،  الإدمان نفسي أكثر من عضوي إذا تقبله ممكن يعمل أي شئ.

حبهم للمغامرة والاستكشاف

وهل ممكن يستطيع مواجهة القوات النظامية؟ ردَّت بكلمة احتمال، لأن من سمات الشخصية المدمن التمرُّد عن الشئ الطبيعي  وحبهم للمغامرة والاستكشاف من الشئ الذي يحذِّر منه وهم وصلوا مرحلة لم يستطيعوا الرجوع منها فكلما فقدوا  شهيداً ازدادوا حماساً، والتعاطي ممكن يجعل  الشخص شجاعاً، ثم قالت سائلة: كيف شخص أعزل يواجه شخص يملك سلاحاً؟ فالشخص السوي يميِّز وهنالك نسبة منهم  تقول بأنهم يجهزوا للموكب بيوم ويكون حريصين إذا لم يتعاطوا ما بدخلوا الموكب، فقلت لها: هنالك أطفال أيضاً؟ ردَّت في الوقت الحالي هنالك نسبة من الأطفال يتعاطوا، باغتها إذاً في رأيك هؤلاء الشباب يخرجون للموكب وهم متعاطين؟ ردَّت هذا السؤال كبير ولا أستطيع الإجابة عليه ولكن أنتِ ذكرتي بأنك تخرجين كثير في المواكب ولك الإجابة.

وللانتهاك بقية…