تحقيقات

فظائع الانتهاكات ( 7/10)

تحقيق: أسماء ميكائيل اسطنبول

منذ انقلاب 25 أكتوبر، وحتى لحظة كتابة هذا التحقيق نجد أن هناك جهات من المنظومة الأمنية لازالت تمارس انتهاكات ضد الثوار الذين خرجوا من أجل  التغيير، سواءً أكان ذلك بتعليمات أو لا، ونتج عن تلك الانتهاكات إصابة العديد من الشباب بعاهات جسدية والبعض الآخر مازال يعاني وآخرين فقدوا حياتهم، ورغم ذلك لم يثنهم العنف أو يضعف من مسيرة نضالهم، بل زادهم قوة وعزيمة، لأن هنالك عهد قطعوه بينهم ورفاقهم الذين فقدوا حياتهم من أجل التغيير والحياة الكريمة.

كان للمدافعة الحقوقية أميرة عثمان خالد، رأي واضح عندما سألتها عن رأيها في هذه الانتهاكات التي تمارس ضد الثوار  قالت بشفافية: كل الذي يحدث -الآن-  جزء من سياسة القمع  تمارس فيه السلطة  لقهر الثوار والثورة بغض النظر عن الضريبة التي يدفعها المواطن والاستمرار في تغويضهم، واستنكرت أفعالهم هذه قائلة: وما يقومون به لا علاقة له بالجانب الإنساني والشئ الذي يمارسونه على الثوار ليس بالجديد، والثورة  قامت  من أجل هذه الأشياء التي تمارس،  ولكن إرادة الشعوب لا تقهر وخير مثل هتلر وغيره.

معاملة غير كريمة

مقالات ذات صلة

وأضافت قائلة: والشئ المؤسف المواطن العادي إذا ذهب إلى جهة تتبع لدور الشرطة أو الأمن ما بقصروا معه وللأسف هذا أسلوبهم  وعقيدتهم ضد المواطن  وعندما تشاهد ما معاملتهم غير الكريمة مع الشخص تستعجب من تصرفاتهم وتسأل نفسك مئة سؤال  لماذا كل هذه العداوة  والكراهية؟  ثم قالت مبرِّرة موقفهم: ولكن في  بعض الأحيان الشخص يجد لهم العذر، هنالك معلومات خاطئة يملكونها لهم عن  الثوار غير البعض منهم يملأه الحقد على المجتمع لأسباب خاصة به.

ثلاثة انتهاكات

الأستاذة إشراقة عثمان سلطان، محامية وهي عضو في جسم “متحدون ضد انتهاكات الثوار” ابتدرت حديثها بتقسيم الانتهاكات ضد الثوار والتي تمارسها السلطة الحاكمة -الآن- بأنها ثلاثة انتهاكات تمارس ضدهم، أولاً قبل الموكب وواحد أثناء الموكب وآخر بعد الموكب، قبل الموكب بتم اعتقالهم وأما بعد الموكب بتكون  بطريقة مهينة وأكثر إذلالاً يتم حلق  رؤوسهم بطريقة عشوائية ويأخذوا مقتنياتهم من تلفون وغيره و حتى إذا كان يرتدي خاتماً، وتجدهم حفاة وشبه عراء و تتمزَّق ملابسهم،  وعندما نذهب إلى القسم على أساس معروضات وأمانات لم نجدها خالص، وهذا دليل على أنهم تجرَّدوا من هذه الحاجيات، والغريب في الأمر لا تُسلَّم إلى القسم.

وأضافت قائلة: والنوع الآخر من الاستهداف حرمان الثوار  من مقابلة ذويهم يتعلَّلون لذويهم بعدم وجودهم وللأسف نكتشف بعد ذلك أنهم موجودين وهذا الموقف بالتحديد يخلق عدم ثقة ما بين الأهالي والمحامين  ويعتقدوا بأننا من نقوم بتمليكهم معلومات غير حقيقية البعض من العسكر هم من يقومون بفعل ذلك.

بالعصا والدبش

والانتهاك الثالث  الضرب بالعصي والدبش وبالخرطوش وفي كل أطراف الجسم والرأس والصدر والبطن، وقالت متحسِّرة: وهنالك طفل قاصر أجريت له ثلاث عمليات في البطن، وعنده كسر في اليد، والثائر محمود الهادي من المصابين الذين  أصيبوا في مناطق حساسة في الجسم أثرت على عملية “الإخراج” وهنالك إصابات موجهة قاتلة في الرأس والبطن وهذا غير الاعتقال الذي يمارس  للمصابين من داخل المستشفيات، كما حدث في مستشفى تقي أثناء معالجة أحد الثوار (خياطة رأسه) وهذا إخلال بالأمن والسلامة، وأضاف لذلك اعتقال سبعة من المسعفين الميدانيين أثناء ارتشافهم للشاي خارج الميدان.

مشاكل المحامين

وبيَّنت بأن  في مدينة أم درمان هنالك انتهاكات كبيرة جداً، وهذا يعود  لرمزيتها وخصوصيتها، فالمواكب بتقابل بالرصاص الحي والمياه غير المعروفة، وهنالك مشاكل كبيرة  جداً بتواجهنا نحن  كمحامين طوارئ ليست من السهل معرفة أين المعتقلين وفي أي قسم ونظل موجودين في القسم لزمن متأخر جداً قد يصل إلى اثنين أو ثلاث ساعات،  والمعضلة الأساسية  في التحري وممكن بكل بساطة بعد انتظار كل هذه  الساعات يعتذر  عادي ويرفض يعمل في وقتها، غير أننا  نجد صعوبة جداً لأن الجهات التي تتم فيها  التحقيقات كثيرة هنالك  الفيدرالية والشرطة وهنالك  بلاغات و حالات أصلاً  ما بتصل وليست لدينا بها علم، ونحن  بنعمل فقط في الانتهاكات المربوطة بالحراك الثوري غير ذلك بنرفع مذكرات، ولكن لم نتوصل إلى  أي نتيجة.

سوابق غريبة

استرسلت قائلة: ومن السوابق  الغريبة التي واجهتنا هنالك  شباب تصدَّقت لهم الضمانة  ومن المفترض يخرجوا ولكن رئيس القسم قال وبالحرف الواحد لو جاء النائب العام ما بطلق صراحهم، وقال حرفياً أنا عسكري بتلقى التعليمات من جهة عليا وإذا لم تأت أي تعليمات  من أجل إطلاق سراحهم لم يخرجوا، وكذلك  تم اعتقال المحامي صالح بشير من محامي الطوارئ، لأنه كان مبلغ في بلاغ الشهيد أبوبكر معتصم الشهير بغيمة لاحتياجنا  لأورنيك 8 من أجل التشريح  فتم استدعاؤه بشكل مهين جداً وحققوا معه أكثر من مرة وهذه كانت سابقة غريبة جداً جداً في تاريخ المحامين.

 الضغط  الإعلامي

ثم قالت: رغم المعاناة والصعوبات ومهما تعنتوا وتنصلوا من  إطلاق سراح المعتقلين، ولكن الحمدلله في النهاية نستطيع إطلاق سراحهم،  ثم أضافت قائلة: ولكن الضغط الإعلامي هو بساعد وله دور كبير.

غير مسموح به

وفي ذات السياق قال الخبير القانوني الطاهر أحمد عثمان، رافضاً طريق التصدي للتظاهرات السلمية وممارسة أبشع الانتهاكات ضد الثوار، قائلاً: مهما حدث لا يجوز و غير مسموح  استخدام أي نوع من أنواع الأسلحة في المظاهرات، والمظاهرات حق من حقوق التعبير المكفول في المبادئ الدستورية العامة وعالمية من حقوق الإنسان، فتلك الاتفاقية الأوربية لعام 50 19 كفلت حق التظاهر ولا يجوز اعتراض أي تظاهر ما لم يقترن بعنف، ومن المفترض أن تكون التظاهرات محمية من الشرطة ويكون معهم وكيل نيابة بدرجة رفيعة ولا يرش شخص بمويه ناهيك من استخدام سلاح وحصا وقزاز وصواميل، وإذا اقترنت هذه التظاهرات بعنف هنالك قانون يحاكم فهذه الأنواع من الأسلحة ممنوعة عالمياً وهي أثرت على تفكير وأجساد هؤلاء الشباب في ظل الدولة البوليسية الآن وهي لا تحترم المواثيق  الدولية ولا المبادئ العالمية ولا نستطيع أن نقول هنالك سلاح معيَّن يستخدم وإذا ثبت هنالك عنف في التظاهرات (ومعروف كل التظاهرات في السودان سلمية)  لا تصد من الشرطة بهذه الطريقة، ولكن في ظل الدولة الدكتاتورية  لا تسمح غير بذلك.

رصاص الصغير

وفي سياق متصل وضح العميد معاش محمد يوسف، سلاح المظلات في استخدام الجهات الأمنية لنوع معيَّن من الأسلحة لقمع الثوار وخاصة  الذي يسمى الحصا ولأنه شبيه بالحصا في شكله الدائري فهذا النوع مسموح استخدامه في المظاهرات وحتى الدول الأخرى تستخدمه، ولكن في السودان استخدامه حديث،  ثم قال ضاحكاً: هؤلاء الشباب الظاهر حيَّروا السلطات، فالغاز المسيل للدموع أصبح لا يؤثر عليهم فأصبحوا يستخدموا هذا الحصا وهو أصلاً يستخدم في صيد الطيور ويصيب مجموعة كبير وهو غير مؤذي ويسبب ألم  فقط، مثل وخز الإبر أو مثل الرايش كأنك ضربت برصاص ولكن لا يتسبب في أذى بالرغم من أنه مصنوع من مادة رصاصية،  قاطعته سائلة: هذا الحصا أصاب مجموعة من الثوار في لحظة واحدة وتسبب في إصابات خطيرة واحدة اخترقت الرئة وواحدة تسببت في  كسر اليد والثالثة اخترقت العين؟ رد قائلاً: العين حساسة ولكن الإصابات الأخرى سلاح الحصا الذي نقصده ونعرفه  لا يتسبب في ذلك، والحصا العادي الذي يستخدم للبناء لا يستطيع خرق الجلد،  لأن الجلد به طبقة سميكة  لا يمكن أن تخترق مثل هذه الأشياء إلا رصاصة، فهنالك نوع من الرصاص الصغير خمسة ملئ أو ستة ملئ يخرج من المسدس ربما هذه نوع جديد  من الأسلحة استخدمت ضد المتظاهرين.

نحن في حيرة

حيث اتفق معه جنابو عبد الحميد،  شرطي متقاعد  قائلاً: لا يمكن أن توضع في سلاح البندقية قزاز أو حصا أو صواميل،  هذا الحديث غير مقنع،  لأن البندقية مصممة بطريقة فنية معيَّنة لا يمكن توضع فيها مثل هذه الأشياء والحصا  العادي يكون في شكل مكعبات وبه نتوءات، وأضف إلى ذلك البندقية الخرطوش إذا وضعت فيها أي نوع غير الزخيرة لا تندفع، فنحن -أيضاً- في حيرة من أمرنا، وبنسأل ما هو نوع السلاح الذي يستخدم، لأنه يتسبب في أذى جسيم وقاتل؟

 وللانتهاك بقية..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى