حتى لا تغرق العملية السياسية..

حديث المدينة الثلاثاء 4 أبريل 2023
واضح أن الميقات الثاني الذي حدد بـ 6 إبريل لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي لن يتم الإيفاء به، فحسب الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية العميد نبيل عبد الله لا تزال القضايا العالقة في بند دمج قوات الدعم السريع في الجيش رهن التفاوض بين الجانبين.. وتعترضها كثير من التفاصيل التي قد تتطلب بعض الوقت لعبورها..
و أكثر وضوحاً أن هذه النقاط لن تحسم حتى ولو تأجل التوقيع لسنة كاملة، ليس لأنها معقدة و صعبة بل لكونها توفر غطاء مناسباً للامتناع عن التوقيع مما يؤدي لاستمرار السلطة العسكرية في الحكم,,
وسبق لي القول أكثر من مرة أن الخطا الأساسي هو في إدراج هذا البند في القضايا العالقة في الاتقاق الإطاري، ما كان ضرورياً الدخول في تفاصيل عملية تكوين الجيش المهني الواحد وتركها بالكامل للمختصين العسكريين، لكن الربط بين العملية السياسية وهذا البند سيؤدي في النهاية لنسف العملية السياسية من أساسها.. ويصبح الاتفاق الإطاري لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى..
من الحكمة ترك الشؤون العسكرية داخل أسوار القوات المسلحة، فهي مما لا يمكن الجهر به لأنها تمس الأمن القومي السوداني.. ولأن الجانب المدني في العملية السياسية لن يستفيد شيئاً من ادخال أنفه فيها ولا يخسر شيئاً أن تركها للمختصين من العسكريين..
في تقديري، من الحكمة الآن فصل الورشة الخامسة المختصة بإصلاح القطاع الأمني والعسكري وترك توصياتها مفتوحة للتداول داخل القطاع الأمني والعسكري فقط مع إفساح المجال للاتفاق السياسي أن يمضي إلى الأمام.. فالمطلوب الوصول الى حكومة مدنية انتقالية بأسرع ما يمكن..
الحكومة المدنية ترفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي ، وتستعيد التعاون والشراكة مع المجتمع الدولي.. بيما يسمح للاقتصاد السوداني أن يتخطى المأزق الذي يكابده.. ويرفع عن الشعب السوداني الأحمال الثقيلة التي يئن تحت وطأتها..
من الواضح أن المكون العسكري يحاول تعطيل قطار العملية السياسية ريثما تلحق به أطراف سياسية أخرى خاصة الكتلة الديموقراطية.. وهذا أمر يمكن لا يشكل عائقاً حقيقياً.. ففي تقديري يجب على المجلس المركزي للحرية والتغيير القبول بتوسيع المشاركة السياسية في المرحلة المقبلة.. يمكن الوصول لنقطة وسط تسمح بقبول بعض مكونات الكتلة الديموقراطية، بتوقيعات منفردة.. فهذا يحقق درجة من توسيع المظلة السياسية، دون أن يغرق العملية السياسية كما تخشى الحرية والتغيير المجلس المركزي.
هناك فرصة ليفوز الجميع فلا داعي للعب على مبدأ فوز مقابل خسارة .. حتى لا يتحقق المثل الشعبي (الطمع ودر ما جمع)…