تقارير

 الأطفال في وضعية الشارع بكسلا تحديات تواجه مجلس الطفولة بالولاية والجهات ذات الصلة

 كسلا: حامد إبراهيم

 يُقدَّر عددهم بالآلاف

ما أن توقفت بسوق الخضر والفاكهة الرئيس بكسلا بغرض شراء بعض الاحتياجات الأسرية حتى هجم عليَّ في آن واحد عدد كبير من الأطفال تتراوح أعمارهم بين السابعة الثانية عشرة كل يعرض بضاعته ويلح عليك بالشراء منه دون غيره وما هي السلعة؟  إنها أكياس بلاستيكية يحملون حزم منها على أكتافهم الغضة اشتريت من أحدهم كيساً وسحبته جانباً من الزحام وسألته :

– ما اسمك؟ 

– محمد آدم

– من أين؟

– أسكن الإنقاذ شمال

– هل تدرس في مدرسة ؟

– نعم ولكنها مغلقة

– هل والديك موجودين؟

– نعم ولكن أبي رجل كبير ومريض

– من يعيل أسرتك؟

– أنا

أعلاه حوار قصير كشف قصة مؤلمة وكل واحد من هؤلاء الأطفال بائعي الأكياس الفارغة يملك قصة حزينة تصلح أن تكون سيناريو لمسلسل تلفزيوني تراجيدي من ثلاثين حلقة كاملة.

 ظاهرة التشرُّد بكسلا

عرفت كسلا ظاهرة التشرُّد لأول مرة مطلع تسعينيات القرن الماضي وكانت في نطاق ضيِّق، ولكن اتسع نطاقها طولاً وعرضاً حتى صارت واحدة من مهددات السلم المجتمعي.

كثيرة هي المشاكل التي تؤرق مضاجع الجهات المهمومة بقضايا الطفولة بولاية كسلا وعلى رأس هذه الجهات مجلس رعاية الطفولة بالولاية وتظل مشكلة الأطفال في وضعية الشارع أكثر التحديات الماثلة وحسب إفادة الأستاذ عمر عثمان آدم، أمين مجلس رعاية الطفولة بولاية كسلا فإن عدد الأطفال الذين يعملون فقط بسوق الخضر بكسلا بلغ 540 طفلاً، وذلك وفق مسح ميداني نفذه المجلس في العام 2017 م ويفصل ذلك بأن 36% من هذا العدد يجمعون بين العمل والدراسة وبعضهم يعيلون أسراً كما أن البعض منهم أظهر تفوقاً في الدراسة مما يستوجب العمل على تهيئة الظروف الملائمة لهم ليواصلو مسيرتهم الدراسية وعن طبيعة عمل هؤلاء الأطفال يضيف عثمان أنه وحسب الدراسة فإن الغالبية منهم تعمل في بيع أكياس النايلون وبعضهم في بيع الخضروات ومسح الأحذية ( الأورنيش ) وأن هؤلاء الأطفال يتعرَّضون لانتهاكات كثيرة مثل الاستغلال الاقتصادي ويتعرضون للعنف الجسدي والجنسي وفوق ذلك فإنهم محرومون من حقهم في التعليم واللعب كما أن وجودهم في الشارع يجعلهم عرضة لاكتساب سلوكيات سالبة.

 المشكلة كبيرة وتحتاج لتضافر الجهود

أمين مجلس الطفولة بولاية كسلا أكد أن مشكلة الأطفال في وضعية الشارع أو الأطفال المشرَّدون بصورة عامة أصبحت تأخذ أبعاد أكثر تعقيداً نتيجة لاتساع نطاق الظاهرة مما يتطلب من الجهات والمؤسسات ذات الصلة.

وقد نص قانون الطفل للعام 2010 أن الأطفال المشرَّدون يعتبرون ضحايا وليسو مذنبين، وقد نصت المادة 23 بأن لا يعتبر تشرد الطفل جريمة يعاقب عليها القانون كما كانت في العهود السابقة.

ملمح عن التشرُّد بولاية كسلا

تعتبر ولاية كسلا من الولايات التي تعاني من تفاقم مشكلة الأطفال في وضعية الشارع وذلك لاعتبارات كثيرة منها كونها ولاية حدودية وعرضة للتأثر بظواهر اللجوء وتهريب البشر.

يبلغ سكان ولاية كسلا حسب أحدث الإحصاءات 2818071 نسمة يشكل الأطفال فيها نسبة 46% من جملة السكان ومن ناحية إدارية يبلغ عدد المحليات المكونة للولاية إحدى عشر محلية، ولكن هنالك محليات أربع ينفذ فيها مجلس رعاية الطفولة ولاية كسلا برامج متعددة تشمل الرعاية والحماية بتمويل من اليونسيف وهي محليات شمال الدلتا، ريفي كسلا،ريفي أروما،  وريفي خشم القربة.

 مشروع معالجة الأطفال في وضعية الشارع

الجهات ذات الصلة بقضايا الطفولة وعلى رأسها مجلس رعاية الطفولة ولاية كسلا صممت مشروعاً متكاملاً للتصدي لظاهرة الأطفال المشردون والأطفال في وضعية الشارع مستندين على عدد من المبررات فصلها لنا الأستاذ أحمد بامنت رئيس جمعية إعلاميون من أجل الأطفال بولاية كسلا إحدى أذرع المجلس بالولاية وأولها تمكين الإدارة العامة للرعاية الإجتماعية ولاية كسلا من وضع حلول متكاملة تعمل على حماية ورعاية الأطفال في وضعية الشارع من خلال رؤية مشتركة لتكامل الجهود وفقاً لتوجيهات الاستراتيجية الوطنية والاتفاقات الدولية.

وثاني المبررات هي العمل على تغيير النظرة السالبة تجاه الأطفال في وضعية الشارع حسب نص القانون على أنه ( لا يعتبر تشرُّد الأطفال جريمة يعاقب عليها القانون )  وتضيف الأستاذة محاسن النيل مدير إدارة الحماية بمجلس رعاية الطفولة أن المشروع تضمن عدداً من الأهداف الاستراتيجية منها : الحد من انخراط مزيد من الأطفال في حياة الشارع وتحقيق تنمية وحماية ورعاية الأطفال في وضعية الشارع ورفع الوعي المجتمعي بمشكلة الأطفال.

تحديات قضايا الأطفال بولاية كسلا

حسب الخبير في مجال الطفولة عمر عثمان، أمين مجلس الطفولة بولاية كسلا بأنه يمكن تلخيصها في ضعف الإنفاق الحكومي على الطفولة، عدم الاستقرار السياسي،  عدم استقرار تمويل المنظمات،  التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تولي حماية الأطفال أولوية والتباعد الجغرافي للولاية.

مشكلة التشرُّد بأنواعه المختلفة جزئي، كلي بولاية كسلا آخذة في التفاقم رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها مجلس رعاية الطفولة ومنظمات المجتمع المدني بالولاية ورغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف مما يتطلب مزيداً المساعي وبروية جديدة ومبتكرة تؤدي في النهاية إلى الحد من غلواء التشرُّد وعودة الأطفال إلى حضن أسرهم أو أسر بديلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى