
وجه آخر للحياة
بعيداً من ردهات صالات التسوق الفاخرة التي تملأ شوارع العاصمة الرئيسة، ثمة أسواق اخرى ترسم ملامح مجتمع يعيش على هامش مدن الخرطوم يتخذ نمط مغاير للتسوق بتفاصيل توضح مدى معاناة روادها شكلت تلك الأسواق وجهاً آخر للحياة. تصور تراجديا الصراع من أجل لقمة العيش والرزق الحلال (التيار) رصدت حركة البيع والشراء في تلك.
بؤساء المدينة
تلك الأسواق يتم تشيدها من الـ (رواكيب) أوالـ (الزنك) والباعة يفترشُون الأرض لبيع ما تيس من بضاعة تقيهم شر السؤال، يسدون بها أفواه صغارهم. رسمت تلك الأسواق ملامح الفقر في أطراف مدن الخرطوم الثلاثة (امدرمان ـ الخرطوم ـ بحري). يباع فيها كل شيء بما تسير أى على حسب ظرف الشاري كما يطلق عليه (قدر ظروفك)،تروي (فاطمة) وهي عاملة في سوق (الرحمة) القابع في أطراف مدينة ام درمان بمنطقة الفتح (2). بأن السوق وفر لها مصدر رزق ولم تعد تخشى هاوية الفقر في تلك المناطق الطرفية وهي تبيع بضاعتها حسب ظرف المواطن بمعنى أن أى شخص يقصد السوق يلقى حاجته من مواد غذائية وملابس وأواني منزلية.والسوق كان يطلق عليه سابقاً بسوق (العزبات) نسبة للوجود الغالب للنساء من أرامل ومطلقات ونال السوق شهرة واسعة وهو يشكل خارطة مجتمعية لشريحة خاصة من النساء.الشهرة التي اكتسبها السوق من أسمه وموقعه في أطراف المدينة ومقاومته لتيار الظروف الإقتصادية الجارفة نحو الهاوية جعلته ملائماً للأسم الجديد الذي أطلق عليه وهو (سوق الرحمة)، لأنه لم يعد سوقاً (للعزبات) فحسب حيث وسعت رحمته كل النساء وحتى الرجال يسترزقون فيه.
أمراة تبدو في الخمسين من عمرها وضعت أمامها (تربيزة) تبيع فيها بضاعتها البسيطة والمعبأ أيضاً فى أكياس، حدثتني عن تأثر السوق بالظروف الإقتصادية العامة حيث لم تعد الأسعار كالسابق، لذا يواجهن صعوبة في الربح، تلك السيدة تقوم بتعبئة المواد الغذائية وبيعها للمواطنين حسب ظروفهم ومن تلك السلع (السكسكانية) والشعيرية، هكذا تسير الحياة مقاومة لتيار الحرمان من السلع بطريقة البيع (حسب الظروف).
خمس دقائق
خمس دقائق هو أسم لسوق في ضاحية الثورة يقع في الحارة (55) وأكتسب الأسم من كونه سوقاً تنتهي فيه حركة البيع في وقت قصير تبدأ مع شروق الشمس حتى أول النهار تلك السويعات القصيرة يغتنمها المواطنون للتبضع منه وتباع أيضاً السلع الإستهلاكية حسب ظرف الزبون حيث يباع اللحم بمقدار معين يبلغ سعره (500) جنيهاً، علماً أن أقل جرامات من اللحوم يبلغ سعرها (1000) جنيه في الأسواق الأخرى، كما تباع الخضروات بـ (300) جنيه ونصف دستة البيض بـ (500) جنيه وفي الأسواق الأخرى يبلغ سعرها (750) جنيهاً. وتجد الشعيرية معبأة في أكياس صغيرة تتراوح اسعارها حتى مبلغ (100) جنيه وكذلك المعكرونة تباع بـ(200)جنيه.
وتروي (نور) ربة منزل أن حركة البيع في تلك الأسواق لم تقتصر على المواد الأستهلاكية وحسب وأنما شملت بيع الأواني المنزلية والملابس وأنها أكتشفت الأسعار الزهيدة التي تباع بها الأواني المنزلية في سوق (6) والذي يعد أكبر أسواق الهامش في العاصمة وجدت (نور) ضالتها في شراء طقم كامل من الملاعق والسكاكين والشوك دون أن تتجاوز الـ (1000)، وتبين لها أنها ليست بضاعة مغشوشة كما كانت تظن. وفي ذات السوق عثرت على خامات راقية من الملابس غير مستعملة وبسعر (1500) جينه اشترت (جلباباً) نسائياً، وأكدت أن بيع الملابس المستعملة يشهد زحاماً في ذلك السوق وفي أحيان كثيرة تكون البضاعة جديدة وأن سوء التخزين جعلها تبدو مستعملة ويطلق عليها أسم (القوقو).
وأكتسب سوق منطقة الوادي الأخضر في شرق النيل شهرة في بيع الأواني المنزلية ودونت أحداهن على مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك في مجموعة خاصة بالنساء عن منافسة سوق الوادي الأخضر لسوق أم درمان العريق في بيع الأواني المنزلية عدد من النساء أكدن ما ذهبت اليها المدونة في وصف السوق الذي تباع فيه الأواني الراقية بأسعار رخيصة حسب وصفهن،وأن كثيراً من ربات المنازل يقصدن السوق من شتى أنحاء العاصمة نسبة لتحطيمه الأسعار مقارنة مع أسواق أخرى.
ووصف التجار حركة التسوق بأنها تتسم بالركود وأن أنخفاض الأسعار في تلك الأسواق يعود لقلة دخل المواطنين الذين يرتادوه والشرائح التي تقطن مناطق الأسواق المذكورة.